العاهل السعودي يضع شروطا لإصدار الفتاوى
العاهل السعودي
الرياض : فيما اعتبر تطورا من شأنه أن يضع حدا للصراع المحتدم بين الإصلاحيين والمحافظين من رجال الدين في المملكة ، أصدر العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الخميس مرسوما يجعل حق إصدار الفتاوى قاصرا على كبار رجال الدين الذين يعينهم ، متوعدا كل من يتجاوز هذا الترتيب بتعريض نفسه للمحاسبة والجزاء الشرعى الرادع .
ووفقا للمرسوم الملكي ، يقتصر إصدار الفتوى أو الآراء الدينية على أعضاء هيئة كبار العلماء وبذلك لن يسمح بالإفتاء فى أمور الدين سوى لأعضاء هيئة كبار العلماء أو من يتم ترشيحهم من قبل تلك الهيئة ولديهم القدرة على الإفتاء .
وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن المرسوم الملكي يأتي فى ظل موجة جدل كبيرة أحدثها بعض رجال الدين فى السعودية بإصدارهم عدداً من الآراء والفتاوى التى رآها البعض مخالفة لتعليمات الشريعة الإسلامية والنهج الذى يسير عليه المذهب السنى الذى يتم تطبيقه فى المملكة .
ومن أبرز الفتاوى التى أثارت جدلا واسعا فى المجتمع السعودى فتوى جواز إرضاع الكبير التى أطلقها الشيخ عبد المحسن العبيكان المستشار فى الديوان الملكى وكذلك فتوى أطلقها الدكتور الشيخ عبد المحسن الأحمد المحاضر بجامعة الإمام محمد بن سعود تدعو إلى هدم الكعبة وإعادة بنائها منعاً للاختلاط بين الرجال والنساء.
كما أصدر بعض رجال الدين في السعودية مؤخرا العديد من الفتاوى لمحاربة ما أسموه "مظاهر التغريب في مجتمعهم المحافظ " وهو أدى إلى احتدام الصراع بين الإصلاحيين والمحافظين في المملكة .
وكان الداعية السعودي الشيخ سليمان الدويش أصدر بيانا مؤخرا أعلن فيه براءته من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية وما يحدث فيها من اختلاط وفساد على حد قوله ، واصفاً أعضاء هيئة التدريس فيها بأنهم من المفسدين.
ومعروف أن جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية افتتحت لتخريج علماء سعوديين وهي المؤسسة التعليمية الوحيدة في المملكة التي يسمح فيها بالاختلاط بين الرجال والنساء وتقع بالقرب من قرية مطلة على البحر الأحمر.
والجامعة الجديدة لا يشترط أن تلبس الطالبة العباية فيها ، بينما يسمح لها بركوب السيارة وقيادتها وهو ما يحظر على بقية النساء في المملكة.
ولا تخضع تلك الجامعة لإشراف وزارة التعليم التي يسيطر عليها رجال دين يعارضون التأثير الغربي وتقليص المحتوى الديني في المقررات الدراسية.
وكانت مصادر سعودية مطلعة كشفت في 4 أكتوبر الماضي أن الشيخ سعد بن ناصر الشثري تقدم باستقالته من هيئة كبار العلماء السعودية إلى العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز على خلفية الانتقادات التي وجهت إليه بعد تصريحات له بشأن ممانعته الاختلاط في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية "كاوست".
وقالت مصادر مقربة من الشيخ الشثري إن العاهل السعودي قبل استقالة الشثري بناء على طلبه وإن الشيخ سيتفرغ بعد استقالته للأعمال العلمية والدعوية.
وجاءت الاستقالة بعد أيام من ظهور الشثري على قناة "المجد" التليفزيونية وانتقاده السماح بالاختلاط في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية ، مما أثار عاصفة من الجدل في الأوساط الإعلامية السعودية.
وكان الشتري طالب الفقهاء بفحص العلوم التي تدرس في الجامعة الوحيدة المختلطة في المملكة لمنع تدريس أيديولوجيات مخالفة للشرع مثل "نظرية التطور" .
وأضاف " يجب إيجاد لجان شرعية للنظر في هذه الأقسام وهذه الدراسات للنظر في مدى موافقتها للشرع وعدم مخالفتها لأحكامه وبذلك نحصل على فوائد عظيمة".
وتابع " نحن ننظر إلى عدد من العلوم أدخلت فيها نظريات وآراء شاذة غريبة مثل نظرية التطور والنشأة وغيرها من النظريات".
التصريحات السابقة أثارت ردود فعل غاضبة بين الليبراليين في الصحف السعودية ، وكتب جمال خاشقجي رئيس تحرير صحيفة "الوطن" يقول :" إن هذه هي استراتيجية المحافظين للسيطرة على الجامعة أو على الأقل لأن يكون لهم رأي رئيسي فيها ، هذه حيلة قديمة كي تكون لهم اليد العليا لتخريب الإصلاح".
والشثري هو واحد من بين علماء دين كثيرين اعترضوا على الاختلاط في جامعة الملك عبد الله ، حيث نشر رجال دين آخرون آراء وفتاوى على مواقع إسلامية على الإنترنت تطالب بأن تحظر الجامعة الاختلاط بين النساء والرجال كما هو الحال في باقي أنحاء المملكة.
ومعروف أن هيئة كبار العلماء السعودية تعتبر أعلى مؤسسة دينية بالمملكة ، وتعتبر استقالة الشثري هي الأولى التي يقدم فيها عضو بهيئة كبار العلماء استقالته بسبب انتقادات صحفية .