تعلم الفقه
وتعلّم الفقه قد يكون فرض عين على المكلّف كتعلّمه ما لا يتأدّى الواجب الّذي تعيّن عليه فعله إلاّ به، ككيفيّة الوضوء والصّلاة، والصّوم ونحو ذلك، وعليه حمل بعضهم الحديث المرويّ عن أنس، عن النّبيّ : « طلب العلم فريضة على كلّ مسلم » ولا يلزم الإنسان تعلّم كيفيّة الوضوء والصّلاة ونحوهما إلاّ بعد وجوب ذلك عليه. فإن كان لو أخّر إلى دخول الوقت لم يتمكّن من تمام تعلّمها مع الفعل في الوقت، فالصّحيح عند الشّافعيّة أنّه يلزمه تقديم التّعلّم عن وقت الوجوب، كما يلزم السّعي إلى الجمعة لمن بعد منزله قبل الوقت، لأن ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب، ثمّ إذا كان الواجب على الفور، كان تعلّم الكيفيّة على الفور، وإن كان على التّراخي كالحجّ فتعلّم الكيفيّة على التّراخي، ثمّ ما يجب وجوب عين من ذلك كلّه هو ما يتوقّف أداء الواجب عليه غالباً، دون ما يطرأ نادراً، فإن حدث النّادر وجب التّعلّم حينئذ، أمّا البيوع والنّكاح وسائر المعاملات ممّا لا يجب أصله، فيتعيّن على من يريد شيئاً من ذلك تعلّم أحكامه ليحترز عن الشّبهات والمكروهات، وكذا كلّ أهل الحرف، فكلّ من يمارس عملاً يجب عليه تعلّم الأحكام المتعلّقة به ليمتنع عن الحرام. وقد يكون تعلّم الفقه فرض كفاية، وهو ما لا بدّ للنّاس منه في إقامة دينهم، كحفظ القرآن والأحاديث وعلومهما ونحو ذلك. وقد يكون تعلّم الفقه نافلةً، وهو التّبحّر في أصول الأدلّة، والإمعان فيما وراء القدر الّذي يحصل به فرض الكفاية، وتعلّم العامّيّ نوافل العبادات لغرض العمل، لا ما يقوم به العلماء من تمييز الفرض من النّفل، فإنّ ذلك فرض كفاية في حقّهم.
فضل الفقه
وردت آيات وأحاديث في فضل الفقه والحثّ على تحصيله، ومن ذلك قول الله تعالى : ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾. فقد جعل ولاية الإنذار والدّعوة للفقهاء، وهي وظيفة الأنبياء عليهم السلام، وقال النّبيّ : « من يرد اللّه به خيراً يفقّهه في الدّين ».
موضوع الفقه
موضوع علم الفقه هو أفعال المكلّفين من العباد، فيبحث فيه عمّا يعرض لأفعالهم من حلّ وحرمة، ووجوب وندب وكراهة.