من مواسم المعاصي التي تعم القريب
والقاصي، ما اخترعته وسوَّقه الأكابر، في شهر فبراير، ففيه موسمان كبيران،
لإغضاب ربنا الرحمن، أولهما عيد العشاق، وفيه تبلغ الذنوب للآفاق، يتهادى
فيه الشباب، باسم شريعة الأحباب، ويتواصلون نهاراً بالكلام، ويقضون الليل
في الآثام، وإن تسأل الآباء، عن البنات والأبناء، يقولون في غير جفاء: إنه
عيد الحب، فدعهم يذوقوا الحب، وكل على بناته آمن، في عيد فالنتاين، وهو
قديس المناكر، إذ جمع بين الفواجر، وخرج بفعله على ديانته، فاستباحوا دمه
وأمانته، أيقتله النصارى ويسبونه، والمسلمون يستذكرونه ويحبونه، فهلا
انشغلوا بمواسم حجهم، واستغفروا الله من ذنوبهم، وداعي الحج يلبي، وهم سكرى
في عيد الحبِّ، وفي مكة يقول الحاج لبيك، وسكرى الحب يقولون إليك، وعابد
الله في الحرم يبكي، وصاحب عيد الحب مع الويسكي، وقاصد الحج يتجهز، وصاحب
فالنتين يتلذذ، فكيف بهذه المفارقات، وأنى لهذه الضلالات، أن تعم المسلمين
والمسلمات؟
لقد عجب الشيطان من هذه الأفعال، واستغنى بضلالهم عن
الإضلال، أما ثاني المناكر، فهي في "هلا فبراير"، إذ فيه يرتكب العار، في
سوق شرق وفي الفنار، ويصيح المخنثون للبنات، صياح الناعق من الحيوانات،
يدعونهم للمنكر جهراً، ويطول الغزل شهراً، ويخرج الشباب فئات، ليبحث عن
جمال العاريات، وليأخذوا ويعطوا التيلفونات، عساهم يظفروا بقَنَص، في عيد
مهرجان الأجساد والفرص، وقد حلي مهرجان العام، بحضور مخنثي الإعلام، ونشر
المفاسد والمهارج بحجة اللعب والمباهج، وطال الوصل بين الأحباب، بفضل
برنامج على الباب يا شباب، والكويت عنه في غنى، وما بهذا ينتعش اقتصادنا،
وإنما بالخطط المحكمة، واستقدام العلماء ذوي العقول المهملة.
ختاماً:
وبما
تقدم يُعلم (لمن عيد الحب؟) ذلك أن عيد الحب ليس من سنة الإسلام ولا هديه،
ولكنه حصيلة ارتكاسات اجتماعية وتربوية لدى الكفار، وان من شارك في
الاحتفال به من المسلمين فلهوى في نفسه، وبسبب الهزيمة النفسية وانتكاس
الوعي الثقافي وضعف التحصين الشرعي لدى من أغرته نفسه بتقليد الكفار
والتشبه بهم في تفاهاتهم وانحرافاتهم.
أما لنا في عيد الأضحى وعيد
الفطر غنية وكفاية؟!... أوليس ديننا هو دين السعادة والهداية؟! فلنحذر هذه
الأعياد البدعية الكفرية، ولنحذّر الناس منها، ولنعتز بديننا، ونتميّز عن
الضالين من غيرنا، ولنربأ بأنفسنا عن أن نسير على آثارهم، أو نتأثر
بأفكارهم، فلنحن أشرف عند الله من ذلك.
ومهما تكلم الضالون عن الحب،
ومهما مجَّدوه وعظَّموه واحتفلوا به، فنحن أولاهم به، نحن أولى الناس
بالحب؛ عَقْدُ الدين مبني عليه، وأساس الإيمان راجع إليه، لا يؤمن أحدٌ ولا
يأمن حتى يحب الله، ويحب دينه وأحكامه وشريعته، ولا يؤمن أحد ولن يأمن حتى
يحب رسول الله، ويحب آله وأزواجه وصحابته، لا يؤمن أحدٌ حتى يحب لأخيه ما
يحب لنفسه من الخير.
إن الحب عند المسلمين معنى عظيمٌ شريف، يقول ابن القيم رحمه الله:
"فبالمحبة وللمحبة وجدت الأرض والسماوات، وعليها فطرت المخلوقات، ولها
تحركت الأفلاك الدائرات، وبها وصلت الحركات إلى غاياتها، واتصلت بداياتها
بنهاياتها، وبها ظفرت النفوس بمطالبها، وحصلت على نيل مآربها، وتخلصت من
معاطبها، واتخذت إلى ربها سبيلاً، وكان لها دون غيره مأمولاً وسؤلا، وبها
نالت الحياةَ الطيبة وذاقت طعم الإيمان لما رضيت بالله ربا وبالإسلام دينًا
وبمحمد رسولاً" انتهى كلامه رحمه الله (من مقدمة روضة المحبين ونزهة المشتاقين).
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.