النبي زكريا والنبي يحيى عليهما السلام
في بيت
المقدس كان آخر من بعث من أنبياء بني إسرائيل: زكريا، ويحيي، وعيسى
ـ عليهم السلام ـ وكانوا من بيت آل داود ـ عليه السلام ـ
كان
زكريا ـ عليه السلام ـ يأكل من عمل يده، كان نجاراً، فعن أبي هريرة
ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
"كان
زكريا نجّاراً".[أخرجه
أحمد، ومسلم، وابن ماجه، وأبو يعلى]
تخوف زكريا ـ عليه السلام ـ، وقوع مكروه من الموالي بعد موته،
والموالي: جمع مولى، والمراد بهم: عصبته من أبناء عمومته وأقاربه
الذين يلون أمره من بني إسرائيل، فلاحظ ـ عليه السلام ـ إهمالهم
لأمر الدين، وممارساتهم لسلوكيات خشنة، وأعمال باطلة، وابتعادهم عن
هدي النبوة، فخشي ـ عليه السلام ـ ما يمكنهم فعله بعد موته ولا
يوافق شرع الله وطاعته.
في
زمانه ـ عليه السلام ـ كانت السيطرة للرومان بعد اليونان على بيت
المقدس، لقد دخل بنو إسرائيل من أجل تفرقهم إلى أحزاب؛ في نزاعات
واختلافات من أجل الزعامة والملك، ولهذا لم يكن المؤرخ (ليونيل
كاست) فريداً بين المؤرخين في حكمه عندما قال:
"إن
الاختلافات التي قامت بين اليهود في مدينة القدس والدماء التي سالت
في شوارعها كانت صفحة سوداء في تاريخهم وهي التي أدت إلى انهيار
كيانهم".
["المفصل في تاريخ القدس" ـ عارف العارف (ص:23)]
وسرّعت هذه الاختلافات دخول الرومان إلى القدس مما جعل أهلها تحت
قيادة الشعوب الأخرى.
واستمرت سيطرة الرومان إلى ما بعد ولادة عيسى ـ عليه السلام ـ، وقد
وصف بيلاطس الوالي الروماني الذي انتدب لإدارة القدس على عهد
الرومان؛ القدس بأنها:
"عش
الدسائس والفتن".["المفصل
في تاريخ القدس" ـ عارف العارف (ص:43)]
وفي
مكان آخر من رسائله إلى صديقه سنيكا في روما وصفها بأنها:
"مدينة
تعيسة، ليس فيها شيء يستحق الاهتمام سوى الأبنية الضخمة التي
شيَّدها هيرودس".["المفصل
في تاريخ القدس" ـ عارف العارف (ص:45)]
وزمن زكريا ـ عليه السلام ـ هو زمن مريم أم عيسى المسيح، لأن زكريا
كفيلها، فنبوته قبيل ولادة عيسى ـ عليهما السلام ـ.
لم
تتوقف خشية زكريا ـ عليه السلام ـ عند حدِّ تخوّفه من الموالي بما
لا يقوموا لله بدينه حق القيام، بل تعدّى في تخوِّفه من أن يضيع
إرثه وإرث آل يعقوب من النبوة، والعلم الشرعي، والأخلاق الحميدة،
والدين، وهذا الذي دفعه ـ عليه السلام ـ إلى الاجتهاد في الدعاء
بأن يرزقه الله الولد، ليرثه ويرث آل يعقوب.
قال
الشنقيطي ـ رحمه الله ـ:
"فسأل
الله ولداً يكون نبياً من بعده؛ ليسوسهم بنبوته بما يوحى إليه
فأجيب في ذلك؛ لا أنه خشي من وراثتهم له ماله؛ فإن النبي أعظم
منزلة، وأجل قدراً من أن يشفق على ماله إلى ما هذا حده، ....ولم
يذكر أنه كان ذا مال؛ بل كان نجاراً يأكل من كسب يديه. ومثل هذا لا
يجمع مالاً، ولا سيما الأنبياء ، فإنهم كانوا أزهد شيء في الدنيا".
إن
ضياع إرث النبوة في بني إسرائيل يعني الفلتان بكل الاتجاهات،
وبالتالي هلاك بني إسرائيل، وضياع الدين، فمن أجل حرصه ـ عليه
السلام ـ على استمرارية الصدع بالحق في بني إسرائيل من بعده، ولئلا
يغيِّروا الدين أقبل على ربه ـ عز وجل ـ مجتهداً بالدعاء.
(قَالَ رَبِّ
إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا
وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ
الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ
لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ
يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) [سورة مريم]
قال
الألوسي ـ رحمه الله ـ:
"ولا
يقدح فيما ذكر أن يكون هناك داع آخر إلى الإقبال على الدعاء من
مشاهدته عليه السلام للخوارق الظاهرة في حق مريم كما يعرب عنه قوله
تعالى:
(..كُلَّمَا
دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا
رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ
عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ
حِسَابٍ (37) هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ
لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ
الدُّعَاءِ (38)" [سورة
آل عمران]
واستجاب الله دعاء زكريا فولد له يحيي وكانت ولادته قبل ولادة
المسيح عيسى بن مريم ـ عليهم السلام ـ وكلاهما ابني خالة، ويحيي
أول من صدّق بعيسى.
لقد
كان زكريا ـ عليه السلام ـ له خبرة في أعمال بني إسرائيل،
ومخالفاتهم الشرعية التي كانوا يستحقون بموجبها أن يسلّط عليهم
الأعداء يسومونهم سوء العذاب، لقد تخوَّف أن يقع فيهم شرّاً بسبب
فسادهم، وبعدهم عن العبرة التي وقعت لأجدادهم في الفساد الأول الذي
سلِّط من أجله عليهم (نبوخذ نصّر).
وسبب ما كان يقع لبني إسرائيل من ويلات هو تغلّظ الفساد في الأجيال
المتأخرة منهم، على الرغم من وجود الأنبياء فيهم، ويعزو المؤرخون
سبب ما فيهم من الفساد أن لهم طباعاً رديئة للغاية، ومن هذه
الصفات: الطمع، والحسد، وعدم الاتفاق، والانهماك في الخلاعة
واللذات، والتردي في مختلف المعاصي، وعدم الترفع عن اقتراف الدنايا
في سبيل المال، وفي سبيل الغاية التي يرمون إليها.
أضف
إلى هذا الفساد؛ فساداً أغلظ وهو العناد في الضلال، وإحداث البدع،
وممارسة أخلاقيات النفاق، والوقوع في الكفر، والاستهزاء بالأنبياء،
والصد عن الاهتداء بهديهم. وهذه الطباع لا تؤهلهم أبداً أن يكونوا
قدوة يقودون الناس فيها إلى الخير، أو سفراء دعوة يدعون الناس إلى
دين الله الإسلام، ولا يصلحون بهذه الطباع أن يكونوا قائمين على
خدمة المسجد الأقصى الذي هو منارة دعوة الناس إلى توحيد الرب ـ عز
وجل ـ كما كان في زمن أسلافهم.
قال
المؤرخ عارف العارف:
"قصارى
القول: كان كل شيء في المدينة يدل على السعة والثراء، إلا في منطقة
الهيكل، فكان حماته يقومون بأعمال لا ترضي الرب ولا العقل السليم،
وفي هذا الظرف ظهر السيد المسيح".["المفصل
في تاريخ القدس" ـ عارف العارف (ص:47)]
ومع
ما هم فيه من الفساد ما تجرأ الرومان أن يدخلوا المسجد الأقصى، فقد
جاء في رسائل بيلاطس الروماني أنه:
"كان
للهيكل ـ يعني المسجد الأقصى ـ سور، وكان الرومان يحكمون بالموت
على الجندي الذي يتخطى هذا السور".["المفصل
في تاريخ القدس" ـ عارف العارف (ص:43)]
لكن
الرومان دخلوه واقتحموه زمن تيطس لما استكملت دائرة الفساد الثاني
في بني إسرائيل.
واستجاب الله دعاء زكريا ـ عليه السلام ـ فبعد أن ولد يحيي ـ عليه
السلام ـ وحصلت بولادته معجزة، وصاحبتها آية، تلتها ولادة عيسى
بمعجزة أكبر من سابقتها، فشكلت تلك الأحداث المتتالية اهتزازات
قوية في بني إسرائيل، وابتلاءات شديدة مهدت ليحيي ـ عليه السلام ـ
حتى إذا ما ترعرع أوحى الله تعالى له:
(يَا يَحْيَى
خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا).
والأخذ : التلقي والتفهم، والكتاب: التوراة، ومعنى بقوة: قال مجاهد
ـ رحمه الله ـ:
"بجد".[أخرجه
الطبري]
وقال ابن زيد ـ رحمه الله ـ:
"القوّة:
أن يعمل ما أمره الله به، ويجانب فيه ما نهاه الله عنه".
[أخرجه الطبري]
وقال ابن كثير ـ رحمه الله ـ:
"أي:
بجد وحرص واجتهاد".
فكان المطلوب من يحيي ـ عليه السلام ـ أن يتلقى التوراة بتدبّرٍ
وتفهّمٍ وإتقان وعزيمة وجد في العمل. ومعنى (وَآتَيْنَاهُ
الْحُكْمَ صَبِيًّا)
قال الطبري:
"وأعطيناه
الفهم لكتاب الله في حال صباه قبل بلوغه أسنان الرجال".
وقال ابن كثير ـ رحمه الله ـ:
"أي:
الفهم والعلم والجد والعزم، والإقبال على الخير، والإكباب عليه،
والاجتهاد فيه وهو صغير حدث السن".
فتفضل الله تعالى عليه بأن أعطاه الفهم والفقه والحكمة، فأقبل على
التوراة بجد وعزم، وأقامها في نفسه قبل أن يأمر بها غيره.
قال
صاحب التفسير الكبير:
"أي
باجتهاد في أداء الأمانة وتشدد في القيام بالدعوة، وترك إظهار
الوهن والضعف".
وقال العلامة الشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ:
"دل
الكلام السابق على ولادة يحيى، وشبابه، وتربيته، فلما وصل إلى حالة
يفهم فيها الخطاب أمره الله أن يأخذ الكتاب بقوة، أي: بجد واجتهاد،
وذلك بالاجتهاد في حفظ ألفاظه، وفهم معانيه، والعمل بأوامره
ونواهيه، هذا تمام أخذ الكتاب بقوة، فامتثل أمر ربه، وأقبل على
الكتاب، فحفظه وفهمه، وجعل الله فيه من الذكاء والفطنة، ما لا يوجد
في غيره ولهذا قال: (وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)
أي: معرفة أحكام الله والحكم بها، وهو في حال صغره وصباه".
إن
المعجزة التي حدثت لزكريا وزوجه، ولو أنها لم تحدث مصحوبة بتحدي
المعاندين أو غير المصدقين من بني إسرائيل بنبوة زكريا، إلا أنها
حدثت أمام وتحت سمعهم وبصرهم، وصارت دليلاً على أن زكريا مرضي عنه
من ربه، وأنه قريب منه، وأنه يعمل بأوامر ربه على بصيرة، وأن
الاستماع إليه استماع لأوامر الله، وأن الاهتداء بهديه اهتداء بهدى
الله، خصوصاً أن هذه المعجزة اقترنت بآية بناء على طلب زكريا:
(قَالَ رَبِّ
اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ
ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ
الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً
وَعَشِيًّا (11)[سورة
مريم]
فاعتقل لسانه من غير مرض. قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم:
"كان
يقرأ ويسبح ولا يستطيع أن يكلم قومه إلا إشارة".["تفسير
ابن كثير"]
ومعنى: (ثَلاثَ
لَيَالٍ سَوِيًّا)
قال الشنقيطي:
"ثلاث
ليالي بأيامهن".
إن
الجو العام الذي عاشته بيت المقدس في زمن زكريا ويحيي وعيسى ـ
عليهم السلام ـ يبيِّن لك حال القوم الذين سكنوا المدينة، وكيف
أنهم تركوا التوحيد والعبادة والقيام بدين الله حق القيام، على
الرغم من وجود الأنبياء فيهم، وتلطفهم بهم أن يكونوا على الاستقامة
لئلا ينزل عقاب الله فيهم، كما نزل لمّا أحدثوا الفساد الأول قبل
نحو خمسة قرون.
لقد
قام يحيي ـ عليه السلام ـ بالدعوة إلى توحيد الله في زمن صار
الإسلام فيه شديد الغربة، وتحمل ـ عليه السلام ـ أعباء الدعوة في
وقت أصر فيه الكثير من بني إسرائيل على الاستمرار في الضلال
والنفاق، على الرغم من قوة البيان والحجة التي جاء بها.
عَن
الْحَارِثَ الأشْعَرِيَّ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ
قَالَ:
"إِنَّ
اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ
يَعْمَلَ بِهَا وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا
بِهَا، وَإِنَّهُ كَادَ أَنْ يُبْطِئَ بِهَا فَقَالَ عِيسَى: إِنَّ
اللَّهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ لِتَعْمَلَ بِهَا وَتَأْمُرَ
بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا، فَإِمَّا أَنْ
تَأْمُرَهُمْ وَإِمَّا أَنْ آمُرَهُمْ؟ فَقَالَ يَحْيَى: أَخْشَى
إِنْ سَبَقْتَنِي بِهَا أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ،
فَجَمَعَ النَّاسَ (بني إسرائيل) فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَامْتَلأ
الْمَسْجِدُ، وَتَعَدَّوْا عَلَى الشُّرَفِ فَقَالَ:
"إِنَّ
اللَّهَ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ
وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ أَوَّلُهُنَّ:
أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ
شَيْئًا، وَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ
اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ
فَقَالَ: هَذِهِ دَارِي وَهَذَا عَمَلِي فَاعْمَلْ وَأَدِّ
إِلَيَّ، فَكَانَ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ،
فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ.
وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ فَإِذَا
صَلَّيْتُمْ فَلا تَلْتَفِتُوا، فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ
لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ.
وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ
كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ
فَكُلُّهُمْ يَعْجَبُ أَوْ يُعْجِبُهُ رِيحُهَا، وَإِنَّ رِيحَ
الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ.
وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّ مَثَلَ
ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَأَوْثَقُوا يَدَهُ
إِلَى عُنُقِهِ وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ، فَقَالَ:
أَنَا أَفْدِيهِ مِنْكُمْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَفَدَى
نَفْسَهُ مِنْهُمْ.
وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ فَإِنَّ
مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ
سِرَاعًا حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ
نَفْسَهُ مِنْهُمْ، كَذَلِكَ الْعَبْدُ لا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنْ
الشَّيْطَانِ إِلاَّ بِذِكْرِ اللَّهِ".قَالَ
النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
"وَأَنَا
آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ اللَّهُ أَمَرَنِي بِهِنَّ:
السَّمْعُ، وَالطَّاعَةُ، وَالْجِهَادُ،
وَالْهِجْرَةُ، وَالْجَمَاعَةُ، فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ
الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإسْلامِ مِنْ
عُنُقِهِ إِلاَّ أَنْ يَرْجِعَ، وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى
الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ، فَقَالَ رَجُلٌ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ؟ قَالَ: وَإِنْ صَلَّى
وَصَامَ، فَادْعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِي سَمَّاكُمْ
الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ".
["صحيح الجامع"